/ الفَائِدَةُ : (160) /

09/05/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / الدَّائِرَةُ والْكُرَةُ رمزان رياضيَّان مَعْرِفِيَّان يوضِّحان علاقة اللَّطيف بالأَغلظ/ الدَّائِرَةُ والْكُرَةُ رمزان رياضیَّان مَعْرِفِيَّان عظيمان لتقريب علوم ومباحث الْمَعَارِف الْإِلَهِيَّة إِلى الأَذهان والعقول ، ولشرح وبيان جملة أُمور ، منها : علاقة ونسبة الجسم اللَّطيف إِلى كافَّة بقاع الجسم الأَغلظ واجزاءه وشراشره ؛ فإِنَّها واحدة ، كنقطة مركز الدَّائرة أَو الكرة بلحاظ الجسم المُتحرِّك في مُحيطها ؛ فإِنَّ نقاط المحيط إِذا قيست إِلى الجسم الُمتحرِّك فيها كانت (1) متفاوتة في البعد والقرب ، لكنَّها إِذا قيست إِلى مركز دائرتها أَو مركز كرتها كانت في البُعد والقرب سوآء ، فأَوَّليَّتها عين آخريَّتها ، وآخريَّتها عين أَوَّليَّتها . وهذا المثال وإِنْ كان جسمانيّاً وحسيّاً وماديّاً ، ويُقرِّب من جهة ويُبعِّد من جهات ، لكنَّه بديع ، ويوضِّح علاقة اللطيف بالأَغلظ ونسبته إِليه ، والمخلوقات وإِنْ كان ماضيها غير حاضرها ومستقبلها ، وحاضرها غير ماضيها ومستقبلها ، ومستقبلها غير ماضيها وحاضرها ، لكنَّها إِذا قیست إِلى باريها (تقدَّس ذكره) كانت نسبتها إِليه تعالىٰ واحدة من دون أَي تفاوت ، فأَوَّليَّته تعالىٰ عين آخريَّته ، وآخريَّته عين أَوَّليَّته ، وأَزلیَّته عین سرمديَّته ، ولا يتجدَّد فيه شيء ، ولا يتصرَّم ولا يتبدَّد منه شيء ، وهو في كُلِّ شيءٍ . وتصوُّر هذه المعادلات يستعصي على أَذهان عقول رواد العلوم البشريَّة ـ كروَّاد عِلْم : الفيزياء ، والكيمياء ، والاحياء ، والرياضيَّات ، والهندسة ، والفضاء ـ ؛ لكونهم مُتخلِّفين في المَعْرِفة العقليَّة ـ إِلَّا الموحدون منهم ـ فالعين العقليَّة ليست بمُتطوِّرة ولا نامية لديهم ، نظير: حال الحيوانات ؛ فإِنَّ جانب الحسِّ وإِنْ كان قويّاً لديها ، لكن جانب العقل ضعيف عندها . وعليه : فلا تُبْنَىٰ الحضارة والتنمية البشريَّة اعتماداً على الجانب الحيواني والحسِّ فقط ، بل وعلى الجانب العقلي ، وهو الأَخطر والأَعظم والأَهم . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)مرجع الضمير في (فيها) و(كانت) و(لكنَّها) و(أَوَّليَّتها) و(آخريَّتها) : نقاط المحيط